الاثنين، 13 أغسطس 2018

سورة البقرة - (٢٦١-٢٦٤) - ثواب الإنفاق في سبيل الله وآدابُهُ - صفوة التفاسير - محمد علي الصابوني





صفوة التفاسير - محمد علي الصابوني
سورة البقرة - (٢٦١-٢٦٤)
أَعُوذُ بِاللّٰهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ
اَلْحَمْدُ لِلّٰهِ رَبِّ اْلعَالَمِينَ وَالصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ عَلٰى رَسُولِنَا مُحَمَّدٍ
وَعَلٰى اٰلِهِ وَ اَصْحَابِه أَجْمَعِينَ
بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ

مَثَلُ الَّذ۪ينَ يُنْفِقُونَ اَمْوَالَهُمْ ف۪ي سَب۪يلِ اللّٰهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ اَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ ف۪ي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍۜ وَاللّٰهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَٓاءُۜ وَاللّٰهُ وَاسِعٌ عَل۪يمٌ ﴿٢٦١﴾
اَلَّذ۪ينَ يُنْفِقُونَ اَمْوَالَهُمْ ف۪ي سَب۪يلِ اللّٰهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَٓا اَنْفَقُوا مَناًّ وَلَٓا اَذًۙى لَهُمْ اَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْۚ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴿٢٦٢﴾
قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَٓا اَذًىۜ وَاللّٰهُ غَنِيٌّ حَل۪يمٌ ﴿٢٦٣﴾
يَٓا اَيُّهَا الَّذ۪ينَ اٰمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْاَذٰىۙ كَالَّذ۪ي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَٓاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللّٰهِ وَالْيَوْمِ الْاٰخِرِۜ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَاَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْداًۜ لَا يَقْدِرُونَ عَلٰى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُواۜ وَاللّٰهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِر۪ينَ ﴿٢٦٤﴾
{مَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ}
قال ابن كثير: هذا مثلٌ ضربه الله تعالى لتضعيف الثواب لمن أنفق في سبيله وابتغاء مرضاته وأن الحسنة تضاعف بعشر أمثالها إِلى سبعمائة ضعف أي مثل نفقتهم كمثل حبة زُرعت فأنبتت سبع سنابل {فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ} أي كل سنبلةٍ منها تحتوي على مائة حبة فتكون الحبة قد أغلَّتْ سبعمائة حبة، وهذا تمثيل لمضاعفة الأجر لمن أخلص في صدقته ولهذا قال تعالى {وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ} أي يضاعف الأجر لمن أراد على حسب حال المنفق من إِخلاصه وابتغائه بنفقته وجه الله {وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} أي واسع الفضل عليم بنيَّة المنفق .
{الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لا يُتْبِعُونَ مَا أَنفَقُوا مَنًّا وَلا أَذًى} أي لا يقصدون بإِنفاقهم إلا وجه الله، ولا يعقبون ما أنفقوا من الخيرات والصدقات بالمنِّ على من أحسنوا إِليه كقوله قد أحسنتُ إليك وجبرتُ حالك، ولا بالأذى كذكره لغيره فيؤذيه بذلك {لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ} أي لهم ثواب ما قدموا من الطاعة عند الله {وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} أي لا يعتريهم فزعٌ يوم القيامة ولا هم يحزنون على فائتٍ من زهرة الدنيا .
{قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى} أي ردُّ السائل بالتي هي أحسن والصفحُ عن إِلحاحه، خيرٌ عند الله وأفضل من إِعطائه ثم إِيذائه أو تعييره بذلّ السؤال {وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ} أي مستغنٍ عن الخلق حليم لا يعاجل العقوبة لمن خالف أمره.
ثم أخبر تعالى عما يبطل الصدقة ويضيع ثوابها فقال {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالأَذَى} أي لا تحبطوا أجرها بالمنِّ والأذى {كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ} أي كالمرائي الذي يبطل إِنفاقه بالرياء {وَلا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ} أي لا يصدّق بلقاء الله ليرجئ ثواباً أو يخشى عقاباً {فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ} أي مثل ذلك المرائي بإِنفاقه كمثل الحجر الأملس الذي عليه شيء من التراب يظنه الظانُّ أرضاً طيبةً منبتةً {فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا} أي فإِذا أصابه مطر شديد أذهب عنه التراب فيبقى صلداً أملس ليس عليه شيء من الغبار أصلاً كذلك هذا المنافق يظن أن له أعمالاً صالحة فإِذا كان يوم القيامة اضمحلت وذهبت ولهذا قال تعالى {لا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا} أي لا يجدون له ثواباً في الآخرة فلا ينتفع بشيءٍ منها أصلاً {وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ} أي لا يهديهم إِلى طريق الخير والرشاد.

الجمعة، 21 يوليو 2017

القرآن الكريم - سورة الفاتحة - التفسير الميسر


القرآن الكريم - سورة الفاتحة - التفسير الميسر   
بسم الله الرحمن الرحيم  وبه نستعين
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه أجمعين
 بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَـنِ الرَّحِيمِ {1}
سورة الفاتحة سميت هذه السورة بالفاتحة; لأنه يفتتح بها القرآن العظيم,
وتسمى المثاني; لأنها تقرأ في كل ركعة, ولها أسماء أخر.
 باسم الله أبتدئ قراءة القرآن مستعينا به, 
(اللهِ) علم على الرب -تبارك وتعالى-المعبود بحق دون سواه,
وهو أخص أسماء الله تعالى, ولا يسمى به غيره سبحانه.
الرَّحْمَنِ , ذي الرحمة العامة الذي وسعت رحمته جميع الخلق,
 الرَّحِيمِ , بالمؤمنين وهما اسمان من أسمائه تعالى،
 يتضمنان إثبات صفة الرحمة لله تعالى كما يليق بجلاله.
 الْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ الْعَـلَمِينَ  {2}
الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ الثناء على الله بصفاته التي كلُّها أوصاف كمال,
وبنعمه الظاهرة والباطنة، الدينية والدنيوية، وفي ضمنه أَمْرٌ لعباده أن يحمدوه,
فهو المستحق له وحده, وهو سبحانه المنشئ للخلق, القائم بأمورهم,
المربي لجميع خلقه بنعمه, ولأوليائه بالإيمان والعمل الصالح.
 الرَّحْمَـنِ الرَّحِيمِ {3}
الرَّحْمَنِ الذي وسعت رحمته جميع الخلق,
الرَّحِيمِ بالمؤمنين, وهما اسمان من أسماء الله تعالى.
 مَـلِكِ يَوْمِ الدِّينِ {4}
وهو سبحانه وحده مالك يوم القيامة, وهو يوم الجزاء على الأعمال.
وفي قراءة المسلم لهذه الآية في كل ركعة من صلواته تذكير له باليوم الآخر,
وحثٌّ له على الاستعداد بالعمل الصالح, والكف عن المعاصي والسيئات.
 إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ  {5}
إنا نخصك وحدك بالعبادة, ونستعين بك وحدك في جميع أمورنا,
فالأمر كله بيدك, لا يملك منه أحد مثقال ذرة.
وفي هذه الآية دليل على أن العبد لا يجوز له أن يصرف شيئًا من أنواع العبادة كالدعاء
والاستغاثة والذبح والطواف إلا لله وحده,
وفيها شفاء القلوب من داء التعلق بغير اله, ومن أمراض الرياء والعجب, والكبرياء.
 اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ  {6}
دُلَّنا, وأرشدنا, ووفقنا إلى الطريق المستقيم, وثبتنا عليه حتى نلقاك,
وهو الإسلام، الذي هو الطريق الواضح الموصل إلى رضوان الله وإلى جنته,
الذي دلّ عليه خاتم رسله وأنبيائه محمد صلى الله عليه وسلم,
فلا سبيل إلى سعادة العبد إلا بالاستقامة عليه.
 صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ الضَّآلِّينَ {7}
طريق الذين أنعمت عليهم, من النبيين والصدِّيقين والشهداء والصالحين
فهم أهل الهداية والاستقامة,
ولا تجعلنا ممن سلك طريق المغضوب عليهم الذين عرفوا الحق ولم يعملوا به,
وهم اليهود, ومن كان على شاكلتهم,
والضالين وهم الذين لم يهتدوا, فضلوا الطريق,
وهم النصارى, ومن اتبع سنتهم.
وفي هذا الدعاء شفاء لقلب المسلم من مرض الجحود والجهل والضلال,
ودلالة على أن أعظم نعمة على الإطلاق هي نعمة الإسلام,
فمن كان أعرف للحق وأتبع له, كان أولى بالصراط المستقيم,
صلى الله عليه وسلم ولا ريب أن أصحاب رسول الله  
  هم أولى الناس بذلك بعد الأنبياء عليهم السلام, فدلت الآية على فضلهم,
رضي الله عنهم .وعظيم منزلتهم, 
آمين  ويستحب للقارئ أن يقول في الصلاة بعد قراءة الفاتحة: 
 ;اللهم استجب, وليست آية من سورة الفاتحة باتفاق العلماء
ومعناها:
 ولهذا أجمعوا على عدم كتابتها في المصاحف.